سورة الحج - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43)}
40- الذين ظلمهم الكفار وأرغموهم على ترك وطنهم مكة والهجرة منها وما كان لهم من ذنب عندهم إلا أنهم عرفوا الله فعبدوه- وحده- ولولا أن الله سخر للحق أعواناً ينصرونه ويدفعون عنه طغيان الظالمين لساد الباطل، وتمادى الطغاة في طغيانهم، وأخمدوا صوت الحق، ولم يتركوا للنصارى كنائس، ولا لرهبانهم صوامع، ولا لليهود معابد، ولا للمسلمين مساجد يذكر فيها اسم الله ذكراً كثيراً، وقد أخذ الله العهد الأكيد على نفسه أن ينصر كل من نصر دينه، وأن يعز كل من أعز كلمة الحق في الأرض. ووعد الله لا يتخلف، لأنه قوى على تنفيذ ما يريد عزيز لا يغلبه غالب.
41- هؤلاء المؤمنون الذين وعدنا بنصرهم، هم الذين إن مكَّنا سلطانهم في الأرض حافظوا على حسن صلتهم بالله وبالناس، فيؤدون الصلاة على أتم وجوهها، ويعطون زكاة أموالهم لمستَحقيها، ويأمرون بكل ما فيه خير، وينهون عن كل ما فيه شر. ولله- وحده- مصير الأمور كلها، فيعز من يشاء، ويذل من يشاء حسب حكمته.
42- وإذا كنت تلاقى- أيها النبى- تكذيباً وإيذاء من قومك فلا تحزن، وتأمَّل في تاريخ المرسلين قبلك تجد أنك لست أول رسول كذَّبه قومه وآذوه، فمن قبل هؤلاء الذين كذبوك كذبت قوم نوح رسولهم نوحاً وكذبت قوم عاد رسولهم هودا، وكذبت ثمود رسولهم صالحا.
43- وكذَّب قوم إبراهيم رسولهم إبراهيم، وقوم لوط رسولهم لوطا.


{وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)}
44- وكذب أهل مدين رسولهم شعيبا، وكذب فرعون وقومه رسول الله- موسى-. لقى هؤلاء المرسلون الكثير من الإنكار والتكذيب، وقد أمهلت المكذبين لعلهم يثوبون إلى رُشدهم ويستجيبون لدعوة الحق، ولكنهم افتروا وتمادوا في تكذيب رسلهم وإيذائهم، وازدادوا إثماً على آثامهم فعاقبتهم بأشد أنواع العقاب، فانظر في تاريخهم تجد كيف كان عقابى لهم شديداً، حيث أبدلتهم بالنعمة نقمة، وبالعافية هلاكاً، وبالعمران خراباً.
45- فأهلكنا كثيراً من أهل القرى الذين يعمرونها بسبب ظلمهم وتكذيبهم لرسلهم فأصبحت ساقطة سقوفها على جدرانها، خالية من سكانها، كأن لم تكن موجودة بالأمس، فكم من بئر تعطلت من روادها واختفى ماؤها، وقَصْر عظيم مشيد مطلى بالجص خلا من سكانه.
46- أيقولون ما يقولون ويستعجلون العذاب ولم يسيروا في الأرض ليشاهدوا بأعينهم مصرع هؤلاء الظالمين المكذبين؟ فربما تستيقظ قلوبهم من غفلتها، وتعقل ما يجب عليهم نحو دعوة الحق التي تدعوهم إليها، وتسمع آذانهم أخبار مصارع هؤلاء الكفار فيعتبرون بها، ولكن من البعيد أن يعتبروا بما شاهدوا أو سمعوا ما دامت قلوبهم متحجرة، إذ ليس العمى الحقيقى عمى الأبصار، ولكنه في القلوب والبصائر.
47- ويأخذ الغرور كفار مكة فلا يبالون مع قيام هذه العبر، فيستعجلونك- أيها النبى- بوقوع ما توعدتهم به من العذاب تحدياً واستهزاء، وهو لا محالة واقع بهم، ولكن في موعد قدَّره الله في الدنيا أو في الآخرة، ولن يخلف وعده بحال ولو طالت السنون، فإن يوماً واحداً عنده يماثل ألف سنة مما تقدرون وتحسبون.


{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)}
48- وكثير من أهل القرى كانوا مثلهم ظالمين، فأمْهلْتهم ولم أعاجلهم بالعقاب، ثم أنزلته بهم، وإلىَّ- وحدى- مرجع الجميع يوم القيامة فأجازيهم بما يستحقون، فلا تغتروا- أيها الكفار- بتأخير العذاب عنكم.
49- قل- أيها النبى- لهؤلاء المكذبين الذين يطلبون منك التَّعجيل بعذابهم: ليس من مهمتى أن أجازيكم على أعمالكم، وإنما أنا مُحذِّر من عقاب الله تحذيراً واضحاً، والله هو الذي يتولى حسابكم ومجازاتكم.
50- فالذين آمنوا بالله وبرسوله وعملوا الأعمال الصالحة لهم مغفرة من الله لذنوبهم التي وقعوا فيها، كما أن لهم رزقاً كريماً في الدنيا والآخرة.
51- والذين أجهدوا أنفسهم في محاربة القرآن مسابقين المؤمنين معارضين لهم، شاقين زاعمين- خطأ- أنهم بذلك يبلغون ما يريدون، أولئك يخلدون في عذاب الجحيم.
52- لا تحزن- أيها النبى- من محاولات هؤلاء الكفار، فقد جرت الحوادث من قبلك مع كل رسول من رسلنا ونبى من أنبيائنا أنه كلما قرأ عليهم شيئاً يدعوهم به إلى الحق تصدى له شياطين الإنس المتمردون لإبطال دعوته وتشكيك الناس فيما يتلوه عليهم لكى يحولوا بين النبي وبين أمنيته في إجابة دعوته، فيزيل الله ما يدبِّرون، ثم تكون الغلبة في النهاية للحق؛ حيث يثبت الله شريعته، وينصر رسوله، وهو عليم بأحوال الناس ومكائدهم، حكيم في أفعاله يضع كل شيء في موضعه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6